فصل: النوع الرابع والثلاثون‏:‏ معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مقدمة ابن الصلاح المسمى بـ «معرفة أنواع علوم الحديث» **


*1*  النوع الرابع والثلاثون‏:‏ معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه

هذا فن مهم مستصعب‏.‏

روينا عن‏(‏الزهري‏)‏ رضي الله عنه أنه قال‏:‏ أعيى الفقهاء أعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منسوخه‏.‏

وكان ‏(‏للشافعي‏)‏ رضي الله عنه فيه يد طولى وسابقة أولى‏.‏

‏(‏163‏)‏ روينا عن‏(‏محمد بن مسلم بن وارة‏)‏، أحد أئمة الحديث‏:‏ أن ‏(‏أحمد ابن حنبل‏)‏ قال له، وقد قدم من مصر‏:‏ كتبت كتب الشافعي ‏؟‏ فقال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فرطت، ما علمنا المجمل من المفسر، ولا ناسخ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منسوخه حتى جالسنا ‏(‏الشافعي‏)‏‏.‏

وفيمن عاناه من أهل الحديث من أدخل فيه ما ليس منه لخفاء معنى النسخ وشرطه‏.‏

وهو‏:‏ عبارة عن رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر‏.‏

وهذا حد وقع لنا، سالم من اعتراضات وردت على غيره‏.‏

ثم إن ناسخ الحديث ومنسوخه ينقسم أقساما‏:‏

فمنها‏:‏ ما يعرف بتصريح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به، كحديث بريدة الذي أخرجه‏(‏مسلم‏)‏ في صحيحه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال‏:‏ ‏(‏‏(‏كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها‏)‏‏)‏ في أشباه لذلك‏.‏

ومنها ما يعرف بقول الصحابي، كما رواه ‏(‏الترمذي‏)‏ وغيره، عن ‏(‏أبي بن كعب‏)‏ أنه قال‏:‏ كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نهي عنها‏.‏

وكما خرجه ‏(‏النسائي‏)‏ عن ‏(‏جابر بن عبد الله‏)‏ قال‏:‏ كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ترك الوضوء مما مست النار‏.‏ في أشباه لذلك‏.‏

‏(‏164‏)‏ ومنها‏:‏ ما عرف بالتاريخ، كحديث ‏(‏شداد بن أوس‏)‏ وغيره‏:‏ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال‏:‏ ‏(‏‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏‏)‏ وحديث ‏(‏ابن عباس‏)‏‏:‏ أن النبي -صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم‏.‏

بَّين ‏(‏الشافعي‏)‏‏:‏ أن الثاني ناسخ للأول، من حيث إنه روي في حديث ‏(‏شداد‏)‏‏:‏ أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمان الفتح، فرأى رجلاً يحتجم في شهر رمضان، فقال‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏‏.‏ وروي في حديث ‏(‏ابن عباس‏)‏ أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم‏.‏ فبان بذلك‏:‏ أن الأول كان زمن الفتح في سنة ثمان، والثاني في حجة الوداع في سنة عشر‏.‏

ومنها‏:‏ ما يعرف بالإجماع، كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، فإنه منسوخ، عرف نسخه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به‏.‏ والإجماع لا يَنسخ ولا يُنسخ، ولكن يدل على وجود ناسخ غيره، والله أعلم‏.‏